يترقب العالم بشغف كبير قرب انطلاق كأس العالم قطر 2022، حيث بدأ العد التنازلي شيئاً فشيئاً، في وقت رفعت فيه قطر نسق جاهزيتها من أجل إنجاح الحدث الكروي الذي سيجرى لأول مرة على الأراضي العربية.
هذا وحجزت 3 منتخبات عربية عن قارتي آسيا وإفريقيا مقاعدها في كأس العالم بعد رحلة شاقة في التصفيات وهي تونس والمغرب والسعودية، لتنضم إلى قطر مستضيفة البطولة، فيما تتجه الأنظار إلى الملحق الأخير على أمل خطف بطاقة عربية جديدة عبر منتخب الامارات الذي سيواجه نظيره الأسترالي ثم البيروفي في حال تخطى الأول.
هذا وأوقعت قرعة البطولة منتخب قطر في المجموعة الأولى رفقة الأكوادور، هولندا والسنغال الفائزة بكأس الأمم الأفريقية، وجاء منتخب السعودية في المجموعة الثالثة مع الأرجنتين والمكسيك وبولندا، وحل نسور قرطاج في المجموعة الموالية مع بطل العالم فرنسا والدنمارك وأحد منتخبات الملحق الإمارات أو أستراليا أو البيرو، ويواجه منتخب أسود الأطلس منتخبات بلجيكا وكرواتيا وكندا ضمن منافسات المجموعة السادسة.
من بين جميع المشاركين العرب في كأس العالم، وحدها المغرب (1986) والسعودية (1994) والجزائر (2014) تخطت دور المجموعات، فخسر الأول بصعوبة أمام ألمانيا الغربية بهدف نظيف، والثانية أمام السويد 1-3 والثالثة بعد التمديد أمام ألمانيا 1-2 التي أحرزت اللقب لاحقاً.
المشاركة الأوسع بحضور تشاركي
تُعدّ المشاركة العربية في مونديال قطر 2022 هي الأوسع في التاريخ بالتساوي مع النسخة الماضية في روسيا 2018، بحضور الرباعي قطر إضافة إلى منتخبات السعودية والمغرب وتونس، وقد يرتفع العدد ليصل إلى 5 منتخبات عربية في حال نجحت الإمارات في تخطي الملحق ضد منتخبي أستراليا والبيرو.
تشترك المنتخبات العربية الثلاث المتأهلة إلى مونديال 2022، تونس والمغرب والسعودية، في نقطة وصولها للمرة السادسة إلى كأس العالم كأكثر المنتخبات العربية تأهلاً، كما تجتمع سوياً للمرة الثانية على التوالي بعد أن شارك الثلاثي في نسخة روسيا 2018.
وسبق للمنتخبين التونسي والمغربي مواجهة المنتخب السعودي في كأس العالم خلال مرحلة المجموعات، حيث فازت السعودية على المغرب 2-1 في الولايات المتحدة الأمريكية 1994، وتعادل مع نظيره التونسي 1-1 في ألمانيا 2006.
حضور تونسي أول فارق
كان للمشاركة الأولى في رصيد المنتخب التونسي ضمن نهائيات كأس العالم الأرجنتين 1978، الأثر البالغ في تاريخ الكرة العربية والإفريقية، حيث مثلت سنة 1978 سنة فارقة بكل المقاييس.
فبعد تصفيات طويلة وفوز تاريخي على مصر 4-1 في ملعب المنزه، نجح أبناء المدرب عبد المجيد الشتالي في الوصول إلى كأس العالم لأول مرة من ثم تحقيق أول فوز عربي وإفريقي في البطولة، حين هزم آنذاك نظيره المكسيكي 3-1، ولئن تأخر نسور قرطاج بهدف نظيف مع نهاية الشوط، فإن المنتخب التونسي لم ينهار رغم قلة خبرته وقلب الطاولة محققاً الـ"ريمونتادا" بالفوز نتيجة 3-1 بفضل ثلاثية علي الكعبي، نجيب غميض، والمختار ذويب.
كان المنتخب التونسي قاب قوسين أو أدنى من التأهل إلى الدور الثاني، غير أنه اصطدم بمنتخب ألمانيا الغربية في ختام مرحلة المجموعة فارضاً عليه التعادل السلبي وحرمه من تحقيق إنجاز تاريخي.
لم يحقق بعد ذلك نسور قرطاج حضوراً لافتاً كالذي حدث 1978، حيث اكتفى بالمشاركة في النسخ الأربع الموالية، حتى أنه لم ينجح في تحقيق انتصار عالمي جديد، إلا مع آخر لقاء مونديالي في النسخة الماضية ضد بنما 2-1.
خاضت تونس 15 لقاء في كأس العالم، حقق خلالهم فوزين فقط، تلقى 9 هزائم، وتعادل في 4 مواجهات مع كل من ألمانيا الغربية 1978، ورومانيا 1998، وبلجيكا 2002، والسعودية 2006، وسجل خط هجوم نسور قرطاج 13 هدفاً، وتلقت شباكه 25 هدف.
يعتبر الثنائي قيس الغضبان ورياض البوعزيزي الأكثر مشاركة مع المنتخب التونسي في كأس العالم بـ8 لقاءات خلال 3 مشاركات 1998 و 2002 و2006، فيما يتصدر وهبي الخزري قائمة هدافي نسور قرطاج مونديالياً برصيد هدفين.
أسود الأطلس والنسخة الفريدة 1986
بعد مشاركة أولى مخيبة في كأس العالم 1970، نشأ جيل جديد للكرة المغربية بداية الثمانينيات بقيادة العملاق بادو الزاكي وارتفعت معه طموحات المغاربة، بعد أن حلّ ثالثاً في كأس أمم إفريقيا 1980، ثم نال ذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1983، ليدخل أسود الأطلس بجيله الجديد تصفيات إفريقيا المؤهلة إلى كأس العالم المكسيك 1986 بطموح كبير، حيث تحقق الحلم للمرة الثانية وحجز منتخب المغرب مقعده في المونديال على حساب ليبيا، لكن القرعة لم ترحمه حيث أوقعته مع منتخبات بولونيا وانجلترا والبرتغال.
حول المنتخب المغربي المستحيل إلى الممكن، وفجر مفاجأة مدوية حين تأهل إلى الدور ثمن النهائي بتعادله مع بولونيا وانجلترا بنتيجة سلبية، ثم هزم البرتغال في مواجهة شهيرة 3-1 بفضل ثنائية عبدالرزاق خيري وهدف عبدالكريم ميري، قبل أن يخسر اللقاء الاقصائي ضد ألمانيا الغربية بهدف نظيف، تاركاً مشاركة مميزة ورائعة دوّن فيها اسمه بأحرف ذهبية ليكون حديث العالم حينئذ.
خاض المنتخب المغربي 16 مباراة في كأس العالم، حيث حقق فوزين وتعادل في 5 مواجهات، في ما خسر 9 لقاءات، سجل خطه الأمامي 14 هدفاً، وتلقت شباكه 22 هدفاً، ويعتبر الثنائي بصير وميري هدافيّ أسود الأطلس في المونديال برصيد كل واحد فيهم هدفين.
السعودية وذكريات 1994 الخال دة
شارك منتخب السعودية في كأس العالم 5 مرات على مر التاريخ، وذلك حتى مونديال روسيا 2018 الأخير، الذي ودعه من دور المجموعات، وكانت المشاركة الأولى بعام 1994، ووصل خلال هذه النسخة إلى دور ثمن النهائي، ثم شارك في نسخة 1998 التي أقيمت بفرنسا وودعها بدور المجموعات، قبل أن يتأهل للمرة الثالثة على التوالي إلى مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، ومن بعدها لمونديال 2006 في ألمانيا لتكون المرة الرابعة على التوالي، ولكنه ودع تلك النسخ من دور المجموعات.
يحمل نجم المنتخب السعودي الأسبق، سامي الجابر، رقماً مميزاً كونه العربي الوحيد الذي خاض مباريات في أربع نسخ مختلفة في المونديال بين 1994 و2006.
تعتبر مشاركة المنتخب السعودي في كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية الأفضل له على الإطلاق، حين نجح في تخطّي مرحلة المجموعات وتحقيق المفاجأة، بينما بدأ البطولة بصعوبة بالغة حين خسر أمام هولندا بهدفين لهدف، فإنه نجح في الانتفاضة خلال الجولتين الثانية والثالثة وهزم كل من المغرب 2-1، ثم بلجيكا 1-0 بهدف تاريخي للاعب سعيد عويران الذي قام بمرواغة أكثر من لاعب على طريقة مارادونا، وقاد منتخب بلاده إلى ثمن النهائي لكن الرحلة انتهت من أمام السويد حين خسر 3-1.
حقق منتخب السعودية 3 انتصارات خلال مشاركاته الخمس الماضية في كأس العالم، تعادل في لقاءين وتلقى 11 خسارة، أثقلها كانت أمام ألمانيا بنتيجة 8-0 عام 2002.
قطر الحالمة بجيلها الذهبي
وضعت قطر إمكانيات ضخمة وهائلة، ورسمت مخططاً على المدى البعيد منذ أن انشاء أكاديمية أسباير الرائدة عالميا، ما جعلها تصل إلى قمة القارة الآسيوية، ولفتت لها الأنظار ووصفها النقاد والمتابعين بمشروع كروي ناجح بجيل ذهبي استطاع أن يقدم مستويات مميزة عربياً وأسيوياً ودولياً.
لم يحظى منتخب "الأدعم" بالوصول سابقاً إلى نهائيات كأس العالم، حيث سيدشن مشاركاته أمام جماهيره من أجل تسجيل حضور تاريخي، بقيادة المدرب الإسباني فليكس سانشيز، الذي نجح في تشكيل توليفة مميزة من اللاعبين وخلق مجموعة متناسقة ككتلة واحدة، في مقدمتهم أكرف عفيف والمعز علي وبسام الراوي وعبدالكريم حسن وحسن الهيدروس، حيث بدأ العمل مع سانشيز منذ منتخبات الفئات السنية وتدرج وصولاً لمدرب للمنتخب الأول.