تشكل أسواق الملابس المستعملة (الفريب) جزءًا كبيرًا في الحياة اليومية للتونسي. أما بالنسبة لكلمة فريب فهي مصطلح فرنسي يستخدم في اللهجة التونسية ليصف مجموعة واسعة من المنتجات المستعملة المستوردة من أوروبا وأمريكا الشمالية. وعلى وجه التحديد يوجد مبنى كامل في صفاقس (صفاقس 2000)، مليء بمتاجر التوفير المحلية ومتوفر طوال الأسبوع تقريبًا.
وقبل الخوض في الأسباب التي تجعلك تبتاع ملابسك من متاجر السلع المستعملة بدلًا من شرائها من متاجر الملابس الجاهزة، دعنا نحدد كلمة فريب ونستكشف أصلها. يعدّ أصل مصطلح الفريب اختصارًا الكلمة الفرنسية "friperie" والتي تعني حرفياً -حسب القاموس الحضري- الملابس المستعملة. وفقًا لذلك، فإن للكلمة أيضًا عدة معانٍ بما في ذلك الماريجوانا؛ أو فعل تعاطي المخدرات؛ وهو أمر مضحك لأن الفريب يسبب الإدمان تمامًا مثل المخدرات.
ظهر الفريب في تونس بعد الحرب العالمية الثانية، مما يعني أنه متجذر في العادات الاستهلاكية للمواطنين التونسيين، فحسب الإحصاءات 94٪ من التونسيين يعتبرون لبضائع الفريب.
إذن ما هي الأسباب وراء انتشار هذه المحلات بكثر في تونس؟
عادة صديقة للبيئة
يعتبر التسوق التوفير مفيدًا للبيئة لأنه يبقي الملابس بعيدًا عن مكبات النفايات، ويقلل من الكربون والتلوث الكيميائي الناجم عن إنتاج الملابس، ويقلل من استهلاك المياه. يعد إجراء عمليات شراء مستعملة أمرًا صديقًا للبيئة بشكل طبيعي: فأنت تعطي حياة جديدة لشيء مخصص عادةً لمكب النفايات، ومن المحتمل أن توفر بعض المال وتدعم قضية جيدة، حيث تدعم معظم متاجر الملابس المستعملة أيضًا الجمعيات الخيرية المحلية ، والتي قد يكون بعضها لأسباب بيئية.
السعر vs الجودة
لا تنفك متاجر الملابس المستعملة من مفاجأتك، فيمكنك العثور على قطع أصلية محدودة الإصدار كان من الممكن أن تكلّف ثروة إذا ما كنت ستشتريها من متاجر العلامات التجارية الجاهزة. فيمكنك الحصول على فستان مقابل 100 دينار من متاجر الأزياء السريعة، ولكن بجودة رديئة للغاية. في المقابل، وبنفس السعر، لن تحصل على أربعة أو خمسة فساتين فريدة من نوعها ذات جودة أفضل من متاجر الفريب فحسب، بل ستتمكن أيضًا من شراء ساندويتش لك ولصديقك في طريق عودتك إلى المنزل، بابتسامة على وجهكما، وهي عادة مجزية يمارسها التونسيون بعد قضاء صباح كامل في محلات الفريب.
تمرين عضلي وعقلي بأقل مجهود
يمكن أن يكون فعل الفريب حافزًا كبيرًا لك للتجول في شوارع المدينة بين المحلات وتدريب عضلاتك بينما تتنقل من زاوية إلى أخرى، وتنحني أحيانًا لتجربة الأحذية، وتستخدم ذراعيك للحصول على أفضل النتائج من كل كومة من الملابس التي تجدها، وهو روتين فعال للتمارين الرياضية لجسمك، خاصة إذا كنت شخصًا يعمل من المكتب، ونادرًا ما تجد الوقت لتمارين التمدد. فتكون هذه العادة مفيدة لعقلك وجسدك إن داومت عليها مرة أسبوعيًا لعدة ساعات.
المقاطعة
يزداد وعي المستهلك المتزايد حول الموضة السريعة الجاهزة عندما يبدأ المستهلكون في التفكير في الحاجة إلى التغيير؛ بعد كل شيء، من الصعب أن تظل سلبيًا عند مواجهة الحقائق الصادمة حول تأثير صناعة الملابس على تغير المناخ، والتدهور البيئي. لذلك يعدّ الإجراء الأكثر مباشرة لمعالجة هذا الواقع الفظيع هو المقاطعة - ببساطة مقاومة إغراء شراء المزيد والمزيد من أحدث إصدارات الموضة السريعة.
ستايل فريد من نوعه
في عالم مليء بالنسخ المقلدة، كن أصليًا، فارتداء الملابس نفسها مثل أي شخص آخر، لن يجلب لك أي قيمة مضافة. تنعكس أصالتنا في التفكير والتعبير عن أنفسنا من خلال طريقة لبسنا. لا يُعتبر التسوق في محلات الملابس المستعملة في الوقت الحاضر فقط للفقراء الذين لا يستطيعون شراء الملابس لأطفالهم. مثلًا تونس نجد أن جميع الفئات الاجتماعية تحاول أن تبدو بمظهر جيد وفريد وبسعر أرخص. غالبًا ما تكون القطع التي تجدها في متاجر الفريب هي ملابس أصلية من دور تصميمـ لذلك دعونا نوضح أن ملابس الفريب في تونس يتم إحضارها بشكل أساسي من أوروبا وخاصة إيطاليا والمملكة المتحدة، مما يجعل فرصة تقليد أسلوبك في تونس مستحيلة.
عادة علاجية
في حال شعورك بالإحباط بعد أسبوع طويل من العمل الشاق والمحادثات الباهتة، يمكن أن يكون التجول في متاجر الفريب أمرًا علاجيًا. لا شيء يضاهي الصباح الذي تقضيه في البحث في أكوام لا نهاية لها من الملابس للعثور على ما تريد. في تونس، يمكن العثور على محلات الفريب في كل مكان: في الشارع، وتحت الخيام البلاستيكية، وفي الأنفاق وزوايا المرآب المستأجرة، وفي الغرف ذات الأسقف الخشبية والزنك، وحتى في المباني المهجورة. قد تبدو الملابس وكأنها في ظروف كارثية، ولكن حقيقة أنك لن تجدهم في متاجر فاخرة وعصرية مع إضاءة وتكييف مثاليين يمنح هذه القطع سحرًا معينًا. ومن تجربة شخصية، فإن هذا النشاط بحد ذاته هو مغامرة تعزز مزاجك في لمح البصر. جربها واشكرني لاحقًا!
تونس على مشارف انتهاء عصر الفريب
تتحدث العديد من التقارير عن نهاية عصر الفريب في تونس في غضون عامين فقط، فأثرت جائحة فيروس كورونا بشكل كبير على وتيرة التجارة مع أوروبا، المورد الرئيسي للملابس المستعملة. حيث لعبت القيود المتتالية على مدار العامين الماضيين دورًا كبيرًا على السفر إلى أوروبا. أدى الوباء والأزمة الاقتصادية الناتجة عنه إلى زيادة حدة التغييرات في عادات المعيشة في أوروبا. علاوة على ذلك، يوجد الآن في فرنسا العديد من الشركات والمنصات الإلكترونية التي تعتمد فقط على المواد المعاد تدويرها والملابس المستعملة. في ظل ظهور الأزمة الاقتصادية العالمية الحالي ة، يتاجر الأوروبيون الآن بأشيائهم وملابسهم مباشرة على هواتفهم الذكية، لبيعها وكسب المال بدلاً من التبرع بالأشياء القديمة للجمعيات الخيرية كما اعتادوا.
خلاصة القول هي، إذا كان لديك بعض الوقت، للحصول على طريقة أفضل وأرخص وأكثر استدامة لشراء الملابس، توجه الآن إلى متاجر الفريب في تونس!