تمكنت المرأة التونسية من اقتحام مختلف الألعاب الرياضية الفردية منها والجماعية من أوسع الأبواب، محققة نجاحات باهرة ومذهلة، في وقت أصبحت فيه لاعبات نسور قرطاج علامة امتياز لتألق تونس في مختلف المحافل والتظاهرات الرياضية حول العالم. فنجحت لاعبات نسور قرطاج من تحقيق إنجازات عربية غير مسبوقة ومتفردة، ما جعل عدد هام من النجمات يكتبن قصص نجاح ملهمة للنساء العربيات.
أنس جابر: وزيرة سعادة التونسيين
كتبت أنس جابر التاريخ في رياضة التنس، حين أبهرت العالم بمردودها المتميز وتطورها المذهل، ما جعلها تكون أول عربية وأفريقية تصل الى المربع الذهبي في تصنيف اللاعبات المحترفات، وتضع تونس في خارطة الكرة الصفراء.
لم تنحدر أنس جابر من مدرسة عريقة في لعبة التنس حول العالم، لكنها آمنت بحظوظها وتحدت الصعاب منذ أن بدأت مشوارها 2007، لتكتب مسيرة وردية ضمن صفحات مرصعة بالذهب، بدأت في تدوينها مع أول إنجاز سنة 2011 حين توجت بلقب رولان غاروس للناشئات.
تتالت نجاحات جابر في الأعوام الأخيرة، لتتدرج في سلم ترتيب اللاعبات المحترفات صاروخيًا، إذ قفزت من المركز 80 عالميًا سنة 2017، إلى المركز الرابع عالميًا سنة 2022، محققة إنجازات غير مسبوقة في تاريخ اللعبة عربيًا وأفريقيًا.
أُنس جابر لم تخفي أحد أهم أسرار نجاحها في شخص زوجها كريم كمون الذي يرافقها بشكل دائم في كل البطولات حول العالم، ويشرف على تطوير لياقتها البدنية.
لم تثني فترة الفراغ التي عاشتها "وزيرة السعادة" كما يسميها التونسيون، من العودة بقوة وعزيمة، حين عانت أنس جابر من الإصابات خاصة على مستوى معصم اليد والظهر، كما قضت فترة من دون طاقم فني وعملت بأقل الامكانيات والموارد، لكنها كسبت التحدي بإصرار كبير، خاصة في عام 2022، حين باتت أول لاعبة تنس عربيًا وأفريقيًا تتوّج بلقب من فئة 1000 نقطة.
مروى العامري: الاستثناء الأفريقي
خطفت بطلة المصارعة مروى العامري الأضواء، حين أحكمت سيطرتها على بطولة أفريقيا، بحصولها على الميدالية الذهبية للنسخة الـ12 على التوالي، في إنجاز أسطوري، فاق كل التوقعات.
وقد دونت العامري اسمها بأحرف ذهبية، بأن باتت أول عربية وأفريقية تحصد ميدالية أولمبية في رياضة المصارعة، بحصولها على برونزية أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 ضمن منافسات وزن 58 كلغ، كما حصلت على ذهبية كأس العالم 2014. التتويج ببطولة إفريقيا للمصارعة 2009 بالمغرب كان منطلقًا لباكورة وسلسلة الألقاب القارية والدولية، التي ما انفكت تحققها البطلة التون سية من عام إلى آخر.
تقول مروى العامري بعد كل إنجاز: "أتمنى أن يكون القادم أفضل، المسؤولية كبرت، وآمل في تحقيق المزيد من النجاح"، وهو ما يؤكد عزيمة وإصرار اللاعبة اللامتناهي لتحقيق نجاحات أكبر وأوفر، في وقت أثنى عليها جميع زميلاتها ومدربيها كونها أيقونة وقدوة للجميع في العمل والصبر والمثابرة. تطور مستوى مروى العامري تدريجيا، حيث تسلقت سلم النجاح خطوة خطوة حتى أولمبيا، حيث حلت في المركز الـ14 في أولمبياد بيكين 2008، ثم المركز الثامن في أولمبياد لندن 2012، لتصعد منصة التتويج في أولمبياد ريو 2016 بحصولها على الميدالية البرونزية.
مريم حويج تحلق بقدم تونس
نجح المنتخب التونسي كبريات في التأهل للمرة الثانية في تاريخه إلى كأس أمم أفريقيا، حين أطاح بمنتخبي مصر وغينيا الاستوائية في التصفيات، ليضرب موعدًا قاريًا جديدًا، بعد المشاركة الأولى نسخة 2008.
نجاح سيدات نسور قرطاج ساهم في بروز عدد من اللاعبات اللواتي قدمن أنفسهن بقوة في أوروبا، على رأسهن الهدافة مريم حويج، التي استطاعت أن تحلق عاليًا وتقفز ضمن لائحة أفضل نجمات تونس لسنة 2022.
قادت حويج فريقها إلج سبور إلى الحصول على لقب الدوري التركي، إذ سجلت لوحدها 30 هدفًا كثاني أفضل هدافة في الدوري، كما تأهلت معه إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا، في وقت سجلت فيه 6 أهداف في تصفيات كأس أمم أفريقيا، منها ثلاثية في مرمى غينيا الاستوائية.
وتعتبر حويج صناعة تونسية خالصة، حيث نشأت بمنطقة زاوية سوسة، وعشقت لعبة كرة القدم مبكرًا. بدأت مسيرتها مع جمعية الساحل الفريق العريق في الدوري التونسي للسيدات، نالت معه 9 ألقاب خلال 6 مواسم، 4 ألقاب دوري و5 كؤوس محلية ، وحققت رقمًا قياسيًا حينما قادت الساحل إلى حصد 5 كؤوس متتالية.
خاضت حويج تجربة احترافية أولى في فرنسا مع نادي فوندهايم ستراسبورغ حين وقعت معه صيف 2017، قبل أن تشد الرحال نحو تركيا، و تختار الانتقال صيف 2018 لنادي أتاشهير، الذي شاركت معه في دوري أبطال أوروبا وبلغت دوري المجموعات. وتعد مريم حويج واحدة من أفضل اللاعبات العربيات المحترفات في ملاعب أوروبا بشهادة العديد من المتابعين لكرة القدم النسائية.
غفران بلخير: النجمة القادمة بقوة
تعتبر الرفاعة غفران بلخير صاحبة الـ20 عامًا، واحدة من أفضل اللاعبات الصاعدات على المستوى العربي، لما قدمته من مؤشرات تدل على أنها قادمة على مهل، لتكون واحدة من أساطير أفريقيا في رياضة رفع الأثقال.
بدأت الشابة غفران بلخير مسيرتها في قاعة رياضية متواضعة وبإمكانيات بسيطة، حتى دشنت مشاركاتها مع المنتخب التونسي من أوسع الأبواب لتكون خير ممثل لفريقها الجمعية الرياضية بالتضامن، حين خطفت ذهبيتين وفضية في بطولة العرب بمصر، ثم نالت ذهبية وزن 63 كلغ في البطولة الإفريقية.
تابعت بلخير تألقها، حتى أصبحت أصغر ربّاعة تتوج بالذهب في تاريخ الدورات المتوسطية بتاراغونا الإسبانية 2017، ثم نالت فضية بطولة العالم للناش ئات 2018. لم تثنِ الصعوبات الاجتماعية القاسية التي عانت منها غفران بلخير، ولا ضعف الموارد المتاحة ولا غياب أبسط مقومات ومعدات التدريب واللعب، بأن تواصل المسيرة بإصرار حتى خطفت الأضواء من الجميع، محققة إنجازًا غير مسبوق بحصولها على ذهبية أولمبياد الشباب في الأرجنتين 2018.
ثم في إنجاز ثانٍ غير مسبوق نجحت البطلة الصاعدة غفران بلخير في التتويج بذهبية بطولة العالم 2022 في العاصمة الأوزبكية طشقند، بحصولها على المركز الأول في وزن 55 كلغ، لتواصل إشعاعها الكبير عالميًا وأولمبيًا، وتدون اسمها كأفضل النجمات الصاعدات عربيًا.
تألق في رياضات عدة
لم يقتصر تألق فتيات تونس على القليل من الرياضات فحسب، بل عانقن التميز في مختلف الألعاب، ففي رياضة المبارزة يعتبر الثلاثي سارة وعزة بسباس، وإيناس بوبكري أساطير عربية وأفريقية، حيث توجن بألقاب عالمية لا تحصى ولا تعد، كما نالت إيناس البوبكري برونزية أولمبية في ريو دي جانيرو كانت الأولى عربيًا وإفريقيًا في هذا الاختصاص.
في الجودو، نجحت الأيقونة نهال شيخ روحو في فرض سيطرتها على بطولات أفريقيا على جميع الأوزان التي شاركت فيها، حيث توجت في 22 مناسبة بالبطولة الأفريقية، مع ذهبيتين في بطولة العالم للشرطة، كما نجحت في تحقيق ميدالية غير مسبوقة بالحصول على برونزية بطولة العالم 2017 بمراكش.
في الكرة الحديدية، حلّقت منى الباجي عاليًا وباتت أفضل لاعبة عالمية لتتالي تتويجاتها وإنجازاتها، وفي كرة الطاولة عاد إشعاع تونس بفضل اللاعبات صفاء سعيداني ومرام الزغلامي وفدوى القارصي.
في الرماية، تعد ألفة الشارني أفضل لاعبة تونسية في هذه اللعبة، وواحدة من أبرز اللاعبات التونسيات خلال آخر 10 سنوات، إذ نجحت في إهداء تونس إنجازات غير مسبوقة خصوصاً بداية من عام 2007 حينما نحتت اسمها بأحرف ذهبية، كأول تونسية في لعبة الرماية تصل إلى الألعاب الأولمبية بيكين 2008.
في أم الألعاب، حققت البطلة حبيبة الغريبي نجاحًا باهرًا بحصولها على ذهبية سباق 3000 متر موانع في أولمبياد لندن 2012، في وقت تسعى فيه العداءة الواعدة مروى بوزياني إلى تكرار ذات الإنجازات العالمية والأولمبية.
في رياضة التجديف، يضم المنتخب التونسي عددًا من اللاعبات المتميزات اللواتي نجحن في رفع راية تونس عاليًا مثل: خديجة الكريمي ونور الهدى الطيب اللتان أهديتا تونس أول ميدالية في بطولة العالم، كما دونت هالة بالحاج محمد صاحبة الـ 17 عامًا اسمها بأحرف ذهبية وتركت بصمة تاريخية في رياضة التجديف، حين نالت أول ذهبية في تاريخ تونس ضمن بطولات العالم في السنة الماضية بالبرتغال.