مقدمة
عندما تشتد قوة درجة الحرارة في منتصف نهار الصيف الحارق بشمسه العموديّة، وأثناء أمطار الشتاء الباردة يختبئ الشنقال والصابو -الذي أصبح اسمه المزعج سيرة سيئة على كل لسان، وأفعاله المشينة بداية محور لكل حديث في جلّ المقاهي والحانات وكل الأزقة والشوارعِ الفرعيةِ والأرصفة التي لا تهم ألوانها التي دهنتها البلدية في سبيل النظام العام، ووصم بارز في منصات التواصل الاجتماعي- ليرصد ضحاياه بناءً على معايير لم يأتِ بها قانون أو عرف إنساني، ولا حتى نظام اجتماعي ليتحول من شركة خاصة وآلية ردعٍ إلى وسيلة للهيمنة وتعنيف المخالفين...بعيدًا عن مظلة القانون التي تضمن لنا حقوقنا وواجباتنا جميعًا.
الشنقال سيئ السمعة والأفعال الانتهازية التي يقوم بها دون احترام لسيادة القانون أو رقيب يردع هذه الوضعية التعيسة على سائقي المركبات من والتونسيين والتونسيات، وخاصة الوافدين من الخارجِ والأجانب.
إجراءات تعسفية - الشنقال يتحدى القانون:
تقول «بثينة» -العاملة في مجال توثيق العنف القائم على النساء- أن أصحاب هذه الشركة يمارسون سلطتهم ونفوذهم المزعوم في تعنيف النساء بأشكال مختلفة وأبرزها العنف اللفظي، والعنف الجسدي، والنفسي إذا لم يحصلوا على «رشاوي مالية» التي تندرج ضمن العنف الاقتصادي. وفي أوقات أخرى يتصرفون مثل العصابات أي يأخذون المقتنيات الشخصية من المركبة التي قصدوها عنوة، في حال عدم الخضوع لهم ومواجهتهم بالقوانين واللوائح المعمول بها في كامل الجمهورية، وهم في الغالب يختارون المركبة بناء على شكلها الفاخر، ولوحات المركبة غير المحلية، وهيئة من يركبها، فيرصدونه دون اعتبار للتذكرة التي يضعها السائق مقدمة المركبة التي تحدد زمن الوقوف في الموقف، أو جانب الرصيف المرخّص من قبل البلدية مقابل مبلغِ من المال.
وتؤكد «بثينة» عدم أهلية بعضهم، وهذا من خلال التصرفات والأفعال التي نشرتها العديد من الضحايا على منصات التواصل الاجتماعيِ.
كما أن هناك قوانين تنظيمية من شأنها تنظيم عمل «الشنقال» في جميع أنحاء الجمهورية، ولكن لا يوجد دائمًا عواقب رادعة للتصرفات الفردية للعاملين في شركات الخواص التي تستهدف الأجانب بالدرجة الأولى، ومن ثم النساء اللواتي لهن النصيب الأكبر من الاعتداء وتليها بقية أفراد المجتمعِ.
-إن وقعت في شباك الشنقال والصابو غير اللطيفة وتم تقييد مركبتك أو المركبة التي أنت فيها بغير حق، لا تقلق! وتأكد أنك لست الوحيد في هذه الرقعة الجغرافية والمكانية، وحتمًا لن تكون الأخير. هذا ما يقوله أصحاب ومستأجري المركبات في تونس، حيث إن الشنقال يمارس سلطته وهيمنته غير الآدمية التي يصفها بعض ضحاياه بـ التعسفية، وأحيانًا عدة بالخارجة عن القانون بغية الحصول على الأموال "الرشوة"، وخاصة في الضاحية الشمالية. فهناك لوحات صارمة بكل اللغات توضح أن الوقوف مجانيّ بين الساعة الثامنة مساء إلى التاسعة صباحًا، ولكن «لا حياةَ لمن تنادي».
وهنا أشير إلى شركات الشنقال الخاصة التي تسترزق من انتهاك التعليمات الصادرة من البلدية، وبعض أفراد شركات الشنقال الذين يمارسون العنف المسلط بناءً على النوع الاجتماعي، ويتطور في أحيان أخرى إلى العنف الجسدي. هذا ما تقوله فيديوهات ومنشورات وثقتها عشرات السيدات اللاتي تم الاعتداء عليهن من قبل العاملين في شركات الشنقال التي لم تستثنِ أحد من العنف الممنهجِ.
سلوكيات غير آدمية - سياسة العنف واللامبالاة:
أما السيدة «منال» التي هي أم لطفلين تدوّن في شهر أوتْ الماضي عن استيائها وتوثق بالصُّور حالتها الجسديَّة بعد أن اقتحمت مركبة العاملين في «شنقال» سيدي بوسعيد مساحة سيرها على ال رصيف الخاص بالمشاة غير مبالين بها، وحصرها في زاوية قريبة من الأرض مخلّفين لها العديد من الرّضوخ والجروح المتفاوتة أمام أعين طفلها وزوجها، مشهد أقلّ ما يقال عنه قاسي وغير مسؤول، ولا يمكن القبول به وهذا دليل دامغ على عدم أهلية العاملين في هذه الشركة.
-يعبّر السَّيد «بن سُعود» عن تَشفعِه قائلًا أنه كان في جولة ليلية في الخلاء لاستنشاق ما تيسَّر من الهواء النقي بعد يوم طويل لم يأبَ النِّهاية بين محيط مقبرة الأمريكان وجامع العابدين مثل عادته اليوميَّة، وأثناء عودته من جولته وجد مركبته مُقيدة بالصابو. فيتساءل: هل عطلت حركة السَّير، أم تسببتُ في الضَّرر بمصالح الغير؟ مشيرًا إلى أنَّ من أهداف شركات «الشّنقال والكناتريَّة» المحافظة على انسياب حركة السَّير وتسهيل حياة سيادة المواطن، وليس التَّعكير عليهم!
على مرمى حجر من مواقع شركات الشّنقال الحكوميَّة والخاصَّة هناك شوارع مزدحمة على سبيل المثال الواقعيّ في "ولاية اريانة" التي يضرب بها المثل في الازدحام والاختناقات المروريَّة الطَّويلة نتيجة وقوف بعض المركبات وسط الطريق العام بشكل يومي ومتكرِّر، هذا ما يقطع الطريق والحركة على بقية المركبات وينتج عنها الازدحام المزعج الذي نعهده. لم نرَ أَنشطة الشّنقال الذي من أولويَّاته المبجّلة تنفيذ سياسته ال رّادعة على المركبات المخالفة لضوابط الوقوف التي منحها له القانون بجانب عمل رجال المرور هناك.
وفي جويلِيّة الماضي تحديدًا في حدائق المنزه نشرَت السيدة «فريال» عبر خاصّيّة القصة في منصة أنسْتقرام الاعتداء عليها وضربها على مستوى الأنف واليد وتهديدها من بعض العاملين في الشّنقال بعدم نشر الواقعة على التَّواصل الاجتماعيّ والتي تصنَّف عنف مباشر على سيدة والشّمس في كبد السّماء. فهل سيكون هناك ردع لمثل هذه السُّلوكيّات؟ الجميع يتساءل!
سرعة في الأداء، واندفاعية في التصرّفات، وفي حضرة التّرهيب يقوم بعض العاملين في الشّنقال بوضع القفل المعدنيّ «الصّابو» في عجلة المركبة، كي لا تبرح مكانها قبل سداد معلوم الوقوف بجانب الأرصفة. وفي أحيان عدّة يكون الموقف عام بناء على لون الرصيف الذي شرعته البلديّة للجميع دون سداد أيّ معلوم، وأحيانًا أخرى عند الخوض في أيّ جدال معهم حول مكان الوقوف يلجئون إلى الع نف والضّرب والوعيد كوسيلة هابطة لأخذ المال هذا ما يقوله النّاجين والضّحايا.
وطبقًا للقرار البلديّ التّابع لبلديّة تونس المؤرخ [عام 9/8/1996] والمعمول به إلى اليوم، يعتبر الوقوف غير قانوني بالمناطق الزّرقاء المجهّزة بموزّعات التّذاكر في الحالات التّالية:
عدم دفع المعلوم المستوجب.
تجاوُز الوقت المسموح به في التّذكرة.
تجاوز مدّة الوقوف القصوى المحدّدة بساعتين.
وتنص القوانين المتّصلة بتنظيم الوقوف في شوارع العاصمة تونس، أنّ مخالفة الوقوف بالمناطق الزّرقاء ترتفع قيمتها من 20 دينارًا إلى 45 دينارًا في حال لم يتم التّسوية بين صاحب المركبة وعامل الشّنقال في ظرف 30 دقيقة من وضع الصّابو في عجلة المركبة. فيتم رفعها إلى مستودع الحجز، وهناك يبدأ فصل آخر من العذاب المادّيّ والنّفسيّ.